الشبكية
![]()
شبكية العين هي واحدة من أكثر الأجزاء تعقيدًا وأهمية في جهاز الإبصار لدينا. فهي بمثابة الكاميرا الداخلية للعين، المسؤولة عن تحويل الضوء إلى إشارات عصبية يمكن للدماغ تفسيرها، مما يمكننا من رؤية العالم من حولنا بوضوح. تعد صحة الشبكية أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الرؤية السليمة، وفي هذا الدليل الشامل، سنستعرض كل ما تحتاج لمعرفته عن شبكية العين: تركيبها، وظيفتها، أهم الأمراض التي تصيبها، وطرق التشخيص والعلاج الحديثة.
شبكية العين (Retina) هي طبقة نسيجية رقيقة حساسة للضوء، تبطن الجدار الخلفي الداخلي لمقلة العين. يمكن تشبيهها بفيلم كاميرا تقليدي، حيث تستقبل الضوء الداخل عبر القرنية والعدسة لتحوله إلى صورة.
تتكون شبكية العين من ملايين الخلايا المتخصصة، أهمها:
1. الخلايا العصوية (Rods): مسؤولة عن الرؤية في الإضاءة الخافتة (الرؤية الليلية) والرؤية المحيطية.
2. الخلايا المخروطية (Cones): مسؤولة عن الرؤية في الإضاءة الساطعة، ورؤية الألوان، ودقة الرؤية المركزية.
3. خلايا عصبية أخرى: تعمل على معالجة المعلومات البصرية الأولية وتنظيمها قبل إرسالها إلى الدماغ.
عند سقوط الضوء على هذه الخلايا، تتحفز وتولد إشارات كهربائية تنتقل عبر العصب البصري إلى مركز الإبصار في الدماغ، الذي يقوم بدوره بترجمتها إلى الصورة التي نراها.
يمكن أن تصيب الشبكية العديد من الأمراض، والتي تختلف في أسبابها وأعراضها، ومن أبرزها:
هو أحد المضاعفات الخطيرة لمرض السكري، حيث يؤدي ارتفاع مستوى السكر في الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية الدقيقة في الشبكية، مما يسبب نزيفًا وتورمًا، وقد يؤدي إلى انفصالها في الحالات المتقدمة.
يؤثر هذا المرض على البقعة (Macula)، وهي الجزء المركزي من الشبكية المسؤول عن الرؤية الحادة والمباشرة. يؤدي إلى فقدان تدريجي للرؤية المركزية، مما يعيق نشاطاتك مثل القراءة وتمييز الوجوه.
حالة طبية طارئة خطيرة تنفصل فيها الشبكية عن الأنسجة الداعمة تحتها. من أعراضها الظهور المفاجئ لأجسام طافية كبيرة وميض متكرر من الضوء وفقدان الرؤية المحيطية مثل ستارة سوداء.
هو تمزق صغير يحدث في مركز البقعة، عادةً بسبب شد غير طبيعي بين الشبكية والجسم الزجاجي، مما يؤدي إلى تشوش وعدم وضوح في الرؤية المركزية.
التهاب يصيب نسيج الشبكية، وقد يكون ناتجًا عن عدوى أو أمراض مناعية، ويسبب عادةً ضعفًا في الرؤية ورؤية أجسام طافية.
يجب استشارة طبيب العيون فورًا عند ملاحظة أي من الأعراض التالية:
• رؤية أجسام طافية جديدة أو زيادة مفاجئة في عددها.
• رؤية ومضات ضوئية مفاجئة.
• ضبابية أو تشوش في الرؤية المركزية أو الجانبية.
• ظهور ظل أو ستارة داكنة تغطي جزءًا من مجال الرؤية.
• تشوه في الرؤية، حيث تبدو الخطوط المستقيمة متعرجة.
يستخدم أطباء العيون عدة تقنيات متطورة لفحص صحة الشبكية بدقة، منها:
• فحص قاع العين (Ophthalmoscopy): بعد توسيع الحدقة، يستخدم الطبيب جهازًا مضيئًا لفحص الشبكية.
• التصوير المقطعي البصري (OCT): يوخذ صورًا مقطعية عالية الدقة للشبكية، يظهر فيها أدق التفاصيل.
• التصوير الوعائي للشبكية (Fluorescein Angiography): يتم حقن صبغة في الوريد ثم تصوير الأوعية الدموية في الشبكية لتقييم تدفق الدم.
يتوفر اليوم طيف واسع من خيارات العلاج، ويعتمد اختيارها على نوع المرض وشدته. أهداف العلاج هي إبطاء تقدم المرض، والحفاظ على البصر المتبقي، واستعادته إن أمكن.
1. حقن العين (Intravitreal Injections): تستخدم أدوية مضادة لتكون الأوعية الدموية غير الطبيعية (Anti-VEGF) لعلاج الاعتلال السكري والتنكس البقعي.
2. العلاج بالليزر (Laser Therapy): يستخدم لعلاج تمزقات الشبكية، أو لإغلاق الأوعية الدموية المتسربة في الاعتلال السكري.
3. الجراحة (Vitrectomy): عملية دقيقة لإزالة الجسم الزجاجي من منتصف العين وإصلاح الشبكية المنفصلة أو إزالة النزيف.
4. العلاج الضوئي الديناميكي (PDT): يستخدم لبعض أنواع التنكس البقعي.
الوقاية خير من قنطار علاج. اتبع هذه النصائح لحماية عينيك:
• افحص عينيك بانتظام، خاصة إذا كنت مصابًا بالسكري أو لديك تاريخ عائلي لأمراض العيون.
• اتباع نظام غذائي صحي غني بمضادات الأكسدة (الخضروات الورقية، السمك، الجزر).
• ارتداء النظارات الشمسية للحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
• الإقلاع عن التدخين، فهو يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالتنكس البقعي.
• التحكم في الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم المرتفع.
شبكية العين هي نافذتك على العالم، وحمايتها مسؤولية مستمرة. إن فهم أمراضها والتعرف على أعراضها المبكرة هو خط الدفاع الأول للحفاظ على نعمة البصر. لا تتردد أبدًا في استشارة طبيب العيون عند ظهور أي عارض غير طبيعي، فالاكتشاف والعلاج المبكران هما مفتاح الوقاية من فقدان البصر الدائم.