هل تعاني من دماع مستمر في العين أو التهابات متكررة؟ قد يكون انسداد القنوات الدمعية هو السبب الكامن وراء هذه المشكلة. نظام الدموع في عينيك هو نظام دقيق ومتوازن بين الإنتاج والصرف. عندما يختل هذا التوازن بسبب انسداد في قنوات التصريف، تظهر مجموعة من الأعراض المزعجة. هذه المقالة ستأخذك في رحلة شاملة لفهم تشريح القنوات الدمعية، أسباب الانسداد، أعراضه، وأحدث طرق العلاج المتاحة للكبار والصغار.

ما هي القنوات الدمعية وكيف تعمل؟

لفهم مشكلة الانسداد، يجب أولاً فهم النظام السليم. جهاز الدموع ليس مجرد إنتاج للسائل، بل هو نظام متكامل يتكون من:

1. الغدد الدمعية: تقع فوق كل عين تحت الجفن العلوي. مهمتها إنتاج الدموع الأساسية التي تحافظ على رطوبة العين.
2. النقاط الدمعية (Puncta): فتحتان صغيرتان جدًا توجدان في الزاوية الداخلية للجفن العلوي والسفلي. تدخل منها الدموع إلى نظام التصريف.
3. القنوات الدمعية (Canaliculi): قنوات صغيرة قصيرة تنقل الدموع من النقاط إلى الكيس الدمعي.
4. الكيس الدمعي (Lacrimal Sac): عبارة عن خزان صغير يجمع الدموع قبل أن يتم تصريفها.
5. القناة الأنفية الدمعية (Nasolacrimal Duct): قناة طويلة نسبيًا تنقل الدموع من الكيس الدمعي إلى أسفل لتُصرَّف في الممر الأنفي (وهذا هو سبب سيلان الأنف عند البكاء).

بمجرد وصول الدموع إلى الأنف، يتم امتصاصها أو التخلص منها. أي انسداد في هذا المسار المعقد، من النقطة إلى الأنف، يؤدي إلى تراجع الدموع وظهور الأعراض.

أعراض انسداد القنوات الدمعية

إذا كنت تعاني من العلامات التالية، فقد تكون مؤشرًا على وجود انسداد:

• دماع مستمر وغير مبرر (Epiphora): هو العَرَض الأساسي، حيث تفيض الدموع على الخدود.
• عدم وضوح الرؤية: الذي يتحسن مؤقتًا عند مسح الدموع.
• احمرار العين والتهيج.
• تورم وألم في الزاوية الداخلية للعين.
• إفرازات مخاطية أو قشرة حول الجفون: بسبب ركود الدموع وحدوث عدوى.
• التهابات متكررة في العين (التهاب الملتحمة) أو في الكيس الدمعي (Dacryocystitis)، والتي تسبب ألمًا حادًا واحمرارًا وتورمًا في جانب الأنف.

أسباب الانسداد: لماذا تحدث المشكلة؟

يختلف السبب غالبًا بين الأطفال والكبار:

عند الرضع (خلقي)

• السبب الأكثر شيوعًا هو عدم اكتمال تطور فتحة القناة الأنفية الدمعية عند الولادة، حيث تظل مغطاة بغشاء رقيق.
• الحقيقة المطمئنة: حوالي 90% من حالات الرضع تتحسن تلقائيًا خلال السنة الأولى من العمر دون أي تدخل جراحي.

عند البالغين (مكتسب)

تتنوع الأسباب وتشمل:

• التغيرات المرتبطة بالعمر: تضيق طبيعي في القنوات مع تقدم السن.
• الإصابات: كسور في عظام الوجه أو الأنف يمكن أن تضر بنظام التصريف.
• الالتهابات المزمنة أو التهابات الجيوب الأنفية.
• الأورام (حميدة أو خبيثة) في الأنف أو العظام المحيطة.
• العلاج الإشعاعي للوجه أو العين لعلاج الأورام.
• بعض الأدوية: مثل قطرات الجلوكوما طويلة المفعول (على سبيل المثال، البيلوكاربين).

خيارات العلاج: من التدليك البسيط إلى الجراحة المتطورة

يعتمد العلاج بشكل كامل على سبب الانسداد وعمر المريض.

1. علاج الرضع

• الانتظار المراقب والتدليك: غالبًا ما ينصح الطبيب بتقنية التدليك الخاصة للكيس الدمعي (Crigler massage) لزيادة الضغط الهيدروليكي الذي قد يساعد على فتح الغشاء.
• السون probing: إذا لم يفتح الانسداد تلقائيًا بعد عمر السنة، فإن الإجراء الأكثر شيوعًا هو عملية السون probing. وهي إدخال أداة رفيعة جدًا عبر القناة لفتح الانسداد، وتنجح في أكثر من 95% من الحالات عند إجرائها في الوقت المناسب.

2. علاج البالغين

• علاج السبب الأساسي: إذا كان السبب التهابًا، سيتم وصف المضادات الحيوية.
• توسيع القنوات والغسل (Dilation and Irrigation): يمكن محاولة فتح الانسداد في العيادة باستخدام محاليل ومعدات طبية.
• الجراحة (جراحة فتح كيس الدمع بالأنف - DCR):
- هي الحل الدائم والنهجي للانسداد الكامل عند البالغين.
- الهدف منها: إنشاء ممر جديد يتجاوز منطقة الانسداد، يربط مباشرة بين الكيس الدمعي والتجويف الأنفي، مما يسمح للدموع بالتصريف مرة أخرى.
- الطريقة الحديثة: يتم إجراؤها غالبًا عبر المنظار الأنفي دون أي شق خارجي، مما يعني ندبة، وتورمًا أقل، وتعافيًا أسرع.

المشكلة قابلة للحل

انسداد القنوات الدمعية، رغم كونه حالة مزعجة، هو قابل للعلاج بشكل كبير في معظم الحالات. المفتاح هو التشخيص الصحيح من قبل طبيب عيون متخصص، الذي يمكنه تحديد أفضل خيار علاجي يناسب حالتك سواء كنت رضيعًا أو بالغًا. لا تهمل دموع العين المستمرة، فقد تكون علامة على وجود انسداد يحتاج إلى عناية.